قوله تعالى: (
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ )
12.
قال ابن عباس: نـزلت في أبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد، وهم الذين هموا بإخراج الرسول.
قوله تعالى: (
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ )
17.
قال المفسرون لما أسر العباس يوم بدر أقبل عليه المسلمون فعيروه بكفره بالله وقطيعة الرحم، وأغلظ علي له القول، فقال العباس: ما لكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون، محاسننا، فقال له علي: ألكم محاسن؟ قال: نعم، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحاج، ونفك العاني؛ فأنـزل الله عز وجل ردا على العباس: (
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا ) الآية.
قوله تعالى: (
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) الآية
19.
أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي رحمه الله قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله المنادي قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام قال: حدثنا النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أسقي الحاج، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر: الجهاد في سبيل أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو يوم الجمعة- ولكني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه، ففعل. فأنـزل الله تعالى: (
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إلى قوله تعالى: (
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة.
وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني، فأنـزل الله تعالى: (
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) الآية.
وقال الحسن والشعبي والقرظي: نـزلت الآية في علي والعباس وطلحة بن شيبة وذلك أنهم افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ولو أشاء بت فيه وإلى ثياب بيته، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنـزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن سيرين ومرة الهمداني: قال عليّ للعباس: ألا تهاجر؟ ألا تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ألست في شيء أفضل من الهجرة؟ ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟ فنـزلت هذه الآية ونـزل قوله تعالى: (
الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا ).