الإنسان كائن اجتماعي بطبعه
--------------------------------------------------------------------------------
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه , يحبتكوين العلاقات وبناء الصداقات ,, والفطرة السليمة تمج ُّ الانعزال التام , وتستهجنالانطواء , ومهما كان الإنسان منطويا فإنه يسعى لتكوين علاقات مع الآخرين ولومحدودة جدا ..
إن الله تعالى قرر مبدأ التعامل بين الناس , والعلاقة تربط بينهم لاتقوم على روابط الدم فحسب فهناك روابط الفكر والعمل والوظيفة والصداقة والجنسوالعقيدة وغير ذلك ..
إن التعامل مع الآخرين مهارة لا يحسنها الكثير وهي مهمة وصعبةوفي هذه الدراسة بعض الأساليب التي ينبغي على الإنسان أن يتنبه لها ليكسب مودةالآخرين ..
أولا : القاعدة الأولى : اقبل معاذيرمن يأتيك معتذرا
مرتبطة بقاعدة العفو والصفح والفرق بينالعفو وبين الصفح أن الصفح يطلب من المخطيء الاعتذار والوعد بعدم التكرار ثم يعفوعنه , بينما العفو فيكون دون أن يعتذر المخطيء أصلا !! وقبول الاعتذار خلق الكراموالمسلمين , ومثال رائع جدا من الإمام أحمد بن حنبل لقد ختم حياته بالعفو عن الجلادالذي ألهب ظهره بالسياط , ويقول لابنه : يا بني ماذا ينفعك أن يُعذَّب أخوك بسببك؟!
وأكرم من قبول الاعتذار أن تعفو دون اعتذار من المخطيء فلا تضطره إلى الحرج ..
ومع أهمية هذه الخصلة إلا أنه يجب بالمقابل عدم قبول اعتذار من اعتادالمراوغة والخداع إذا كان العفو لا يؤدبه بل يزيده استهتارا ..
ثانيا : اخلع النظارة السوداء
بعض الناس يسرفون في التشاؤم وتضخيم السلبيات , ولا يتذكرونالإيجابيات أو الحسنات ..
وقد حث الإسلام على التفاؤل وحذر من التطير والتشاؤمفقال تعالى لسان يعقوب عليه السلام :
(يابني َّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيهولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين)
وقد بشرالرسول صلى الله عليه وسلم بمستقبل الأمة حتى في أحلك الظروف كما في حديثه مع عديبن حاتم .
ثالثا :مخطيء من ظن يوما أن للثعلب دينا
قد يتعرض الإنسان إلى من يمارس معه الخداع والكذب والكيدوالتمويه ؛لذا عليه أن يكون سريع البديهة!
وهذه موهبة فطرية يهبها الله لمن يشاء , وقد تكون موجودة ولكن ضامرة تجتاج إلى صقل وتدريب .
ولعل أهم ما ينمي الذكاءوسرعة البديهة الاستعانة بالله عز وجل والعلم ومرافقة الأذكياء وعدم التسرع وحسنالإعداد والتخطيط .
رابعا :الراحة التي يعقبها ندما
من الأخطاء الشائعة التي تسبب التوتر بين الناس أن الغاضبيجب أن يفرغ شحنة غضبه ليرتاح فيحرق الأخضر واليابس إن لم يحرق نفسه أولا .. والغضبداء عضال بل هو مهلكة وسبب لكل قطيعة , والتأكيد على ضبط النفس عند الغضب مطلب حيويلكل من يرغب النجاح في التعامل مع الآخرين .
خامسا : الكنز الذي لا يكلف درهما
انه الابتسامة , مفتاح كل خير ومغلاق كل شر , لها الأثرالسحري والمفعول العجيب وقبل أن يأر أصحاب المؤسسات موظفيهم بالابتسامة كجزء مهم منواجبات الموظف أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بها فقال: تبسمك في وجهأخيك صدقة
ويقول : "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "
ويؤكد علماء النفس على أهمية الابتسامة ودلالاتها حتى إنهم يقولون إن الأطفالالكفيفين يقومون بالابتسام بطريقة تلقائية وفي وقت لاحق يبتسمون عند البلوغ فهي عملطبيعي لا تقليدي .
وتستخدم أجزاء الدماغ المختلفة لإظهار الابتسامة الحقيقيةوالمصطنعة والإرادية واللا إرادية..
كما قسموا الابتسامة إلى الأنواع التالية :
-1- ابتسامة المتعة / 2- الابتسامة البسيطة / 3- الابتسامة الزائفة / 4- الابتسامة العريضة / 5- الابتسامة البائسة / 6- الابتسامة العلوية ..
سادسا :كن متفضلا في غير منَّة :
تمر على الإنسان حالات مختلفة بين الضيق والسعة , بينالسعادة والشقاء ..ولا يدوم على حال فهو كما قال الأندلسي أبو البقاء الرندي :
هي الأمور كما شاهدتها دول **من سره زمن ساءته أزمان
وعندما يبتلىالإنسان بظروف سيئة فإنه يحتاج مساعدة الآخرين والمُحسِن يأسر الآخرين ويملك قلوبهمخاصة إذا كان هذا الإحسان بلا مقابل ودون انتظار للشكر أو الحمد والثناء .
وقدقيل لبعض الحكماء : هل من شيئ خير من الذهب والفضة ؟ فقال : معطيهما
وينبغيالإشارة إلى بعض الامور المهمة التي يجب أن يتنبه إليها المُحسن حتى لا يخسرإحسانه:
1- أن يكون عمله خالصا لوجه الله الكريم
2- أن يقدِّم المعروفويساعد الآخرين وهو محب ومستبشر بالعطاء , يقول زهير في أجمل أنواع العطاء : تراه ُ إذا ما جئته متهـــلــِّلا *** كأنك تعطيه الذي أنت َسائلـــُه
3- أن يحذر المنة ويبتعد عن التكبر والعلو تعداد مآثره على الناسوالإحسان المتبوع بالمنة لا خير فيه ومنهي عنه شرعا وعرفا .
4- ألا يصاحببذل المعروف تقريع على ذنب أو معاتبة على خطيئة .
سابعا : ترفع عما في أيدي الناس تكن محبوبا لهم
فطر الله الناس على الطمع والنظر فيما في أيدي الآخرين يورث المهانةوالذل ويتسبب في كراهية الناس , وفي الحديث " الغنى غنى النفس"
ومن كثر تمنيهكثرت حاجته للناس ..لذا يجب الإشارة إلى أهم الوسائل المساعدة على الابتعاد عنالطمع والتعويد على القناعة ذكرها أبو حامد الغزالي:
- الاقتصاد في المعيشةوالرفق في الانفاق .
- إذا توفر في الحاضر ما يكفي فلا تقلق بشأن المستقبل .
- أن يتأكد الإنسان أن في القناعة عزة وفي الطمع ذلة .
- أن يكثر تأمله فينعيم الكفار والحمقى وأراذل الناس ثم يتأمل أحوال الأنبياء والصالحين .
- أنيتأمل سلبيات الطمع في كثرة المادة كالخوف عليها والقلق دينيا ودنيويا .
ثامنا : لا تجعل لأحد عليك منة
من أراد أن يكون محترما مقدرا بين الناس لا يجعل لأحد عليه منة , فعلىالإنسان أن يعمل ويجتهد ولا يترقب منح الآخرين فقد سئل الأحنف عن المروءة فقال: "العفة والحرفة " ويقول علي رضي الله عنه لابنه الحسن : "يا بني إن استطعت ألا يكونبينك وبين الله ذو نعمة فافعل"
ومن اضطر لسؤال الناس فعليه التنبه لعدة أمورمنها:
-أن يتجافى التوسل والذلة بل يعرض حاجته بأدب لا ذل معه .
-أن يطلبفقط ما دعته إليه الحاجة .
-أن يعذر إذا مُنِع
- أن يسأل من هو أهل لللمسألةوهو من كان : كريم الطبع , سليم الصدر , متمكنا من المسألة .
تاسعا : اشفعوا تؤجروا :الشفاعة الحسنة للآخرين هي مرضاة للربكما أنها سبيل لمحبة الناس ,
ويستثنى من هذا صنفان منالناس :
- قسم لا تزيده الشفاعة إلا تقصيرا واتكالا .
- وقسم تؤدي الشفاعة لهإلى مفسدة أكبر .
عاشرا : اجعل الشخصالآخر يشعر بأهميته :
هذه من القواعد المهمة في السلوكالإنساني ,وإن من أقسى المشاعر الشعور بالتهميش وعند إشعار الآخرين بأهميتهميستجيبوا أكثر بشكل أو بآخر .
الحادي عشر :إذا أردت أن تندم فاكسر هذه الزجاجة
للبشر كرامةوكبرياء ينبغي ألا تجرح ويحسن بالإنسان استخدام الكلمات فالفرق كبير بين قولكلأحدهم :أكلفك بفعل كذا أو إن لم تفعل كذا سيكون عقابك كذا وبين قولك : لو سمحت ياأخي هل من الممكن أن تفعل كذا ؟
ففي هذا احترام للناس وتقدير يجبرهم على حبكوودك .
الثاني عشر : بل أنتم الكُرَّار
الإنسان مجبول على حب المدح والتشجيع لذا كان يشجعالرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة ويثني على أبي بكر وأصحابه .وكان يلقبهم بألقابلها أعظم الأثر في نفوسهم كأمين الأمة .
فاختر الصفة الجميلة في الآخر وحفزهاتكسب صاحبها .وتثير فيه الحماس والتحدي .
الثالث عشر : لا تنفخ البالونة فتنفجر
بعض الناس يبالغون في مدح الآخرين , وهناك فرق بينالتشجيع وبين النفاق والتملق والخداع حتى أن الناس تمج ولا تقبل هذا النوع منالمجاملين "احثوا التراب في وجوه المداحين "
وللإفراط في المدح آفات ست : يؤديللكذب / يدخل الرياء لنفس المادح / قد يقول ما لا يتحققه مثل :إنك زاهد / قد يُفرحالممدوح وهو ظالم وفاسق فيعينه على الظلم / قد يدخل الممدوح الكبر والإعجاب / قديدخل الممدوح الفتور إن مدح على الخير واكتفى بما قدم ..
الرابع عشر : وصية الله
في سورةالأنعام وصايا جليلة وصى بها الله عباده {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهدالله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون } إن العدل والمساواة تطمئن القلوب وتكسبالثقة ومن أشد الأمور إيلاما على الأبناء أو الطلبة أو الموظفين شعورهم بالظلم وعدمالمساواة وهناك أمثلة كثيرة على العدل أبرزها قصة الرسول صلى الله عليه وسلم معالمرأة المخزومية وقوله العظيم: وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
الخامس عشر :قال : اطلب لها رُجيل
صاحب الهمة العالية يجب أن يسأل عن الأمور العاليةويبتعد عن سفاسف الأمور ولايضيع وقته وجهده فيمالاطائل وراءه .مهما كان هذا يسربعض الناس بل يجب أن يوجه الآخرين معه إلى الأعلى والأهم .
السادس عشر : قلهاواسترح!!
الاعتراف بالحق مكرمة وفضيلة والإصرار علىالخطأ منقصة ورذيلة وعندما يعترف الإنسان بخطئه يقي نفسه الحرج فلاصغيرة معاستكبار ولاكبيرة مع استغفار "فإذا تيقنت من خطئك عليك بمراعاة أمور ستة : قل الحقوانطق بالصدق / اختر الوقت المناسب للاعتذار /اعتذر بأدب وعاطفة /أكثر من الاستغفاروالتوبة لله عز وجل أولاوآخرا /كن واسع الصدر لتقبل لوم الآخر / كفر عن خطئكبالإحسان ..
السابع عشر :كن أنــــــــت :
لتكن لك شخصيتك المستقلة فالناس تحترم المستقللاالإمعة أو المقلد .ولايعني هذا عدم الاستفادة من تجارب الآخرين وشخصياتهم ولكنالمقصود عدم التقليد الأعمى كأن يتكلف كلاما أو طباعا ليست له .
الثامن عشر : من سقطت كلفته دامت ألفته
لاتتكلف للآخرين ولاتكلفهم مجاملتك بمالايطيقون وكن معهم كما لوكانوا لوحدهم . ولاينبغي الفهم من هذا الاستخفاف بالآخرين ولانبساط الممجوج معهمفهو على أنفسهم أشد .
التاسع عشر :من كان لهصبي فليتصاب له :
تعامل مع الآخرين حسب أعمارهم ومراحلهمفلايفترض أن يفكر المراهق كالرجل الراشد بل يلعب مع الطفل ويخاطب الصغير بعقلهوكذلك كان يفعل أسوتنا صلى الله عليه وسلم فكسب قلوب الصغار والكبار.
العشرون :الأرواح جنود مجندة ما تعارف منهاائتلف
من الناس من له علاقات كثيرة أينما حل وارتحلوآخرون لهم علاقات محدودة .. وهذا يرجع إلى طبيعة كل منهم .. ومن ذلك الإقداموالمبادرة بالتعارف واكتساب المحبة من الآخرين وهذا خلق أهل الهمم العالية والنفوسالكريمة ولاسيما الحرص على التعارف مع أهل الخير والفضل والعلم وهذه المبادرةتحتاج إلى عدة امور منها :1- الاقتناع بأهمية التعارف واحتساب الأجر , 2- الجرأةوعدم التردد , 3- الثقة بالنفس , 4- الاستفادة من الفرص والمواقف , 6- ترك الخجلوالحساسية المفرطة , 7- حسن الاستهلال والعناية بالانطباعات الأولى ,..
كما يجباختيار الزمان والمكان والحديث المناسب لبدء التعارف لأنه المؤثر الأول على نوعالعلاقة الإنسانية التي ستنشأ بين الطرفين .