فصل في الغسل
الغسل شرعاً سيلان الماء على جميع البدن بنية مخصوصة.
والذي يوجبه خمسة أشياء: وهذه الأشياء إنما توجب الغسل مع إرادة القيام إلى الصلاة و نحوها، أما مجرد حصول أحدها فلا يوجب الغسل على الفورية، فلو أجنب الشخص بعد طلوع الشمس فلا يجب عليه أن يغتسل فوراً بل له قبل أن يغتسل أن يذهب لقضاء حاجاته ثم يرجع و قد بقي من الوقت ما يسع الطهارة و الصلاة فيغتسل و يصلي الظهر، فقد روى البخاري عن أبي سلمة انه قال: سألت عائشة أكان النبي صلى الله عليه و سلم يرقد (أي ينام ) و هو جنب؟ قالت: "نعم ويتوضأ".
و أما ما شاع عند بعض العوام من أن الجنب إذا خرج قبل أن يغتسل تلعنه كل شعرة من جسمه فهو كذب و هو خلاف الدين.
روى الإمام البخاري عن أبي هريرة أنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه و سلم و أنا جنب فأخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد فانسللت فأتيت الرحل ( أي المأوى الذي يأوي إليه أبو هريرة) فاغتسلت ثم جئت (أي رجع إلى الرسول) و هو قاعد فقال: " أين كنت يا أبا هر" فقلت له ( أي أنه كان جنباً فتركه لذلك ) فقال " سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس".
الأول: خروج المني و له علامات يعرف بها، منها:
- اللذة بخروجه.
- وريح العجين إن كان رطباً.
- وريح بياض البيض إن كان جافاً.
- و التدفق أي خروجه بدفعات شيئاً فشيئاً بقوة.
الثاني: الجماع و لو لم ينزل المني، و هو إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها في فرج.
الثالث: الحيض و هو دم يخرج من فرج المراة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة.
الرابع: النفاس وهو الدم الخارج بعد فراغ رحم المرأة من الحمل.
الخامس: الولادة لأن الولد أصله مني منعقد.
وفرائض الغسل اثنان:
الاول: النية، وذلك لأن النية تميز العادات من العبادات، ومحلها القلب، و تكون عند إصابة الماء لأول جزء مغسول من البدن، فينوي المغتسل رفع الحدث الأكبر أو ينوي فرض الغسل او ينوي الغسل الواجب أو ما يقوم مقام ذلك كاستباحة الصلاة أو الطواف، فلو نوى بعد غسل جزء من جسمه وجب إعادة غسل ذلك الجزء.
تنبيه : لا يجوز لمن تيقن أنه ليس محدثا حدثا أكبر أن يغتسل بنية رفع الحدث الأكبر.
الثاني: تعميم جميع البدن أي ظاهره بشرا و شعرا بالماء المطهر.
ومن سننه:
- التسمية و هي قول بسم الله و محلها أول الغسل ويكره تركها.
- الوضوء الكامل قبل الغسل ولو ترك لم يكره.
- والدلك أي إمرار اليد على الجسد.
- والموالاة وهي ان يغسل العضو قبل جفاف الذي قبله.
- وتقديم اليمنى على اليسرى.
فيغسل رأسه بعد ان يخلل شعره ثلاثا بيده المبلولة، ثم يغسل شقه الأيمن ما أقبل منه ثم ما أدبر، ثم يغسل شقه الأيسر ما أقبل منه ثم ما أدبر، و يسنّ أن يكون كل ذلك ثلاثا.
ويسن التقليل من الماء و يكره الإسراف، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغتسل بصاع و هو أربعة أمداد، واغتسل بخمسة مكاكيك، والمكوك ستة أمداد، فعن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه و سلم توضأ بمكوك و اغتسل بخمسة مكاكيك رواه مسلم.
قال بعض الفقهاء: من اغتسل عاريا سنّ له أن يقول عند نزع ثيابه:" بسم الله الذي لا إله إلا هو" لأنه ستر عن أعين الجنّ