هل يعني هذا أن نقصان العقل لم يعد يقتصر على المسلمات فقط؟ ولكن كيف هذا وأمريكا بلد شاسع فيه مسلمات أيضاً ؟!. من المرجح أن هذا العنوان سوف يثلج صدر من يفسر حديث ناقصات عقل ودين بأن المرأة مهما كانت جنسيتها فهي ناقصة الذكاء، ولا تصلح لما يصلح له الرجال. ولكنه، بالمقابل، قد لا يريح من يفسر الحديث بأنه مجرد مزحة أو هزار أو دعابة أراد الرسول عليه السلام أن يروح بها عن قلوب النساء المسكينات في يوم العيد، يوم الفرحة والسرور. وهذا الرأي الأخير روج له علماء ودعاة مثل القرضاوي والبوطي وعمرو خالد وغيرهم، حتى تجرأ الأخير وقال بأن الرسول عليه السلام كان "يهزر" مع النساء. ولكن ما بال العلم يقتصر في قراراته على الامريكيات؟ هل نشم في هذا رائحة التحيز والتمييز العنصري العلمي ضد نساء أمريكا مثلاً؟.
بداية القصة
عالم الاجتماع الامريكي شارلز موري مثير للجدل، وهو من طليعة المفكرين المحافظين المدعومين مالياً من قبل المؤسسات اليمينية في أمريكا. أثار ضجة كبرى في أمريكا قبل سنوات في كتاب له أسماه منحنى الجرس، بين فيه أن الزنوج والجنس الأسود عموماً هم أقل ذكاء من البيض. وقد تعرض لانتقاد لاذع وصل إلى حد وصفه بأنه أشبه بالمسيح الدجال. ثم ما لبث أن نشر مؤخراً مقالة في إحدى المجلات بين فيها أن النساء ينقصهن الذكاء الجيني الفطري الذي يؤهلهن للبروز في مواضيع العلم الصعبة كالرياضيات.
وكان العالم لورنس سومرز قد سبقه بملاحظات علنية عابرة مفادها أن الأبحاث تشير إلى حصول الطلاب على علامات أعلى من الطالبات في فحوص الرياضيات. وقد اثارت هذه النتائج تعجب سومرز وتساءل عما إذا كان هذا يعود إلى فروق بيولوجية بين الجنسين لصالح الرجال. لكن هذه الملاحظات العابرة ما لبثت أن تعرضت لهجوم قاس وعنيف أدى إلى اسكاتها ودفنها في مهدها، وإلى تراجع صاحبها عنها واعتذاره العلني للجنس اللطيف عما بدر منه طالباً العفو والسماح. اما صاحبنا موري فلا يبدو انه يكترث كثيراً بغضب النساء، كما لم يكترث من قبل لغضب السود، لأن المسألة برمتها وفي نظرة تعود إلى حقائق وبيانات إحصائية وليست مجرد رأي شخصي.
الدليل على نقصان عقل الأمريكيات
يستند موري إلى ما يراه حقائق علمية وبيانات إحصائية تؤكد وجود الفروق بين الجنسين من حيث الذكاء. لقد بينت فحوص الرياضيات المعتمدة في أمريكا (وبالأخص فحص سات) أن نسبة المتفوقين من الذكور إلى المتفوقات من الإناث هي كنسبة سبعة إلى واحد. ويؤكد علماء التطور البيولوجي على أن الذكر يبدي مهارات أعلى في الرؤية الثلاثية الأبعاد، في حين تتفوق الأنثى في مهارات التذكر. كما أن أدمغة الرجال أكبر من أدمغة النساء على الرغم من أن أبحاث علم النفس القياسي تقول بتساوي مقياس الذكاء بين الجنسين. وتؤكد أبحاث علم الأعصاب أن المناطق الدماغية المسؤولة عن الإدراك المكاني أكبر عند الرجال منها عند النساء. وهذا الفرق الأخير هو الذي ينعكس على الفروق القياسية في فحوص الرياضيات المشار إليها في نظر موري.
وهذا لا يمنع، في نظر موري، من وجود حالات فردية متفوقة في وسط النساء، ولا يمنع كذلك من تفوق النساء في مجالات أخرى مثل المحادثة ومهارات الاتصال. لكن الملاحظ أن نسبة الفائزات بجائزة نوبل لا تتعدى اثنين بالمائة في القرن العشرين. كل ذلك يؤكد وجود الفوارق الفطرية الغريزية بين الجنسين من حيث الذكاء، وافتراض أن تحسين البرامج وتعديل القوانين كفيل بإلغاء هذه الفروق هو فرض خاطئ. والدليل على ذلك أن المساواة لم تحرز أي تقدم في تقليل الفجوة بين هذه الفوارق على مدى السنين. فلا بد من التسليم للرجل بتفوقه في امتلاك روح المخاطرة والتحدي والمنافسة والعدوانية، وحيازته هرمون التستوستيرون الذكوري الذي يؤكد هذا التفوق. هذا مع أن الأمومة ورعاية الأطفال قد تؤثر في عدم تفوق النساء لكنها تبقى عوامل غريزية نسائية.